Blogger Widgets

بنر

Get our toolbar!
Latest Tips For BloggersLatest Tips For Bloggers Latest Tips For BloggersLatest Tips For Bloggers

.: عدد زوار المدونة :.

سلسلة مميزة - اداب الانترنت


ادعمنا
جديد
جـــاري الــتــحــمــيــل...

الاثنين، 5 مايو 2014

سلسلة آداب الإنترنت: آداب الحوار

الرؤى:0

◄الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين... ◄أمــا بــــعــــد... ◄كما عودناكم بنقلاتنا عن اهل العلم المعروفين وعن مواقع اهل السنة الموتقين ننقل لكم هده المادة العلمية ونسأل الله ان ينفعنا واياكم بها والان نترككم مع الموضوع التالي.... (ونعتدر منكم على الاطالة لانه لا يحق لنا بتر كلام احد اللهم الا ما كان خطأ املائي)
سلسلة آداب الإنترنت: آداب الحوار

إن الحوار من أهم وسائل الدعوة إلى دين الله – جل وعلا – والتواصل فيما بين الناس ، سواء في القضايا الدينية ، أو الدنيوية . والحوار كان قديما من أهم الوسائل التي لجأ إليها جميع الرسل والأنبياء في دعوة الناس للدخول في دين الله – تبارك وتعالى – .
ولما كان الأمر كذلك ، كان لزاما على كل المسلمين – وخصوصا الدعاة منهم – أن يتعلموا قواعد الحوار وآدابه ، ولا يمكن أن نفهم هذه الآداب إلا من خلال النظر في كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وسيرة الصحابة – رضوان الله عليهم أجمعين – وعلماء الأمة الربانيين ، الذين شهدت لهم الأمة بالعلم والفضل .
إن الغاية المقصودة من الحوار هي إقامة الحجة ، وتبيين الحق ، ورد الشُّبَه ، والآراء الفاسدة ، وليس المقصود منها طلب الغَلَبة ، والإفحام ، وإظهار العلم والفضل ، والتشدق ، والمباهاة ، والمماراة ولفت أنظار الناس .
ولا يتأتى هذا إلا إذا توافرت الضوابط الشرعية في الحوار والجإادلة ، حيث يسعى كلا الطرفين إلى الوصول للحق حيثما كان ، فإذا ما أبدى صاحبه دليلا قاطعا في المسألة – التي هي محل النقاش – وجب عليه المصير إليه ، والعمل بمقتضاه .
وقد تضمن القرآن الكريم العديد من الحوارات بين الرسل وقومهم ، من لدُن نوح – عليه السلام – إلى نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – ، وهذا الحوار هو المثال الذي يجب أن يُحتذى ، حيث وجدنا فيه هذه الآداب السامية ، من الحكمة ، والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن ، كل ذلك مع إقامة الحجة ، بما تنقطع معها كل شبهة ، فيتضح لكل ذي عينين أن من ينكر ذلك جاحد مُعاند ، عرف الحق ثم حاد عنه ، قال – تعالى – ﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ﴾ (1) .
ومن أمثلة الأدب في الحوار ما ورد في القرآن الكريم من قصة نبي الله موسى – عليه السلام – حيث أمره الله – جل وعلا – بلين الكلام مع عدو الله فرعون ، الذي قال لقومه ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ﴾ (2) . ومع ذلك قال الله – تعالى – لنبيه موسى وأخيه هارون ﴿ فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ (3) . ثم دار بينهم الحوار المعروف ، من إثبات الربوبية ، والألوهية لله – وحده – ونفيها عن فرعون وغيره ، إلى آخر ما هو معروف من الحوار الذي دار بينهم ، وهو مبسوط في عدة سور من القرآن الكريم .
ومن ذلك أيضا عندما اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ يَوْمًا ، فَقَالُوا : انْظُرُوا أَعْلَمَكُمْ بِالسِّحْرِ وَالْكَهَانَةِ وَالشِّعْرِ ، فَلْيَأْتِ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي قَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا ، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا ، وَعَابَ دِينَنَا ، فَلْيُكَلِّمْهُ ، وَلْيَنْظُرْ مَاذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ ، فَقَالُوا : مَا نَعْلَمُ أَحَدًا غَيْرَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ . فَقَالُوا : أَنْتَ يَا أَبَا الْوَلِيدِ ، فَأَتَاهُ عُتْبَةُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ اللهِ ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – ثُمَّ قَالَ : أَنْتَ خَيْرٌ أَمْ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ : فَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ هَؤُلاَءِ خَيْرٌ مِنْكَ ، فَقَدْ عَبَدُوا الآلِهَةَ الَّتِي عِبْتَ ، وَإِنْ كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْهُمْ ، فَتَكَلَّمْ حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَكَ ، إِنَّا وَاللهِ مَا رَأَيْنَا سَخْلَةً (4) قَطُّ أَشْأَمَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْكَ ، فَرَّقْتَ جَمَاعَتَنَا ، وَشَتَّتَّ أَمْرَنَا ، وَعِبْتَ دِينَنَا ، وَفَضَحْتَنَا فِي الْعَرَبِ ، حَتَّى لَقَدْ طَارَ فِيهِمْ أَنَّ فِي قُرَيْشٍ سَاحِرًا ، وَأَنَّ فِي قُرَيْشٍ كَاهِنًا ، وَاللهِ مَا نَنْتَظِرُ إِلاَّ مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى ، أَنْ يَقُومَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ حَتَّى نَتَفَانَى ، أَيُّهَا الرَّجُلُ ، إِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْحَاجَةُ ، جَمَعْنَا لَكَ حَتَّى تَكُونَ أَغْنَى قُرَيْشٍ رَجُلا وَاحِدًا ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا بِكَ الْبَاءَةُ ، فَاخْتَرْ أَيَّ نِسَاءِ قُرَيْشٍ شِئْتَ ، فَلْنُزَوِّجكَ عَشْرًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – : « فَرَغْتَ » . قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ﴿ حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ (5) حَتَّى بَلَغَ ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾ (6) » . فَقَالَ عُتْبَةُ : حَسْبُكَ ، حَسْبُكَ ، مَا عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا ؟ قَالَ : لاَ ، فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ ، فَقَالُوا : مَا وَرَاءَكَ ؟ فَقَالَ : مَا تَرَكْتُ شَيْئًا أَرَى أَنْ تُكَلِّمُوهُ إِلاَّ قَدْ كَلَّمْتُهُ ، قَالُوا : فَهَلْ أَجَابَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : لاَ ، وَالَّذِي نَصَبَهَا بَنِيَّةً ، مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : ﴿ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾ . قَالُوا : وَيْلَكَ ، يُكَلِّمُكَ الرَّجُلُ بالْعَرَبِيَّةِ لاَ تَدْرِي مَا قَالَ ؟ قَالَ : لاَ ، وَاللهِ مَا فَهِمْتُ شَيْئًا مِمَّا قَالَ ، غَيْرَ ذِكْرِ الصَّاعِقَةِ (7) .
فعتبة بن ربيعة كان مشركا ، وقد جاء ليثني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن دعوته ، ومع ذلك أنصت النبي – صلى الله عليه وسلم – لكلامه ، ثم عقَّب عليه بذكر هذه الآيات التي تكاد تنخلع لها القلوب ، فما عنَّفه ، وما سبَّه ، وما اتهمه بالجهل ، أو بأي نوع من أنواع الاعتداء ، ولكنه اكتفى بذكر الحجة ، وهذا درس عظيم في أدب الحوار .
وهذا المنهج في الحوار هو الذي سار عليه علماء الأمة بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فقد نُقِلَ عن الشافعي – رحمه الله – أنه قال : ما ناظرت أحدا إلا قلت : اللهم أَجْرِ الحَقَّ على قلبه ولسانه ، فإن كان الحقُّ معي اتَّبَعَنِي ، وإن كان الحقُّ معه اتَّبَعْتُه .
وقد بَيَّنَ ذلك بعض العلماء فقال لصاحبه : لا يَمْنَعَنَّكَ حَذَرُ الْمِرَاءِ من حُسْنِ الْمُنَاظَرَةِ ، فَإِنَّ الْمُمَارِيَ هو الذي لا يريد أن يتعلم منه أحد ، ولا يرجو أن يتعلم من أحد ، واعلم أن لكل مطلوب باعِثًا ، والباعث على المطلوب شيئان : رَغْبَةٌ أَوْ رَهْبَةٌ ، فَلْيَكُنْ طالب العلم راغِبًا راهِبًا ، أمَّا الرَّغْبَةُ ففي ثواب الله – تعالى – لطالِبِي مَرْضَاتِهِ ، وَحَافِظِي مُفْتَرَضَاتِهِ ، وأما الرَّهْبَةُ فمِنْ عقاب الله – تعالى – لِتَارِكِي أوامره ، وَمُهْمِلِي زَوَاجِرِهِ ، فإذا اجتمعت الرغبة والرهبة أدَّيَا إلى كُنْهِ العلم وحقيقة الزُّهْدِ ، لأن الرغبة أقوى الباعِثَيْنِ على العلم ، والرهبة أقوى السَّبَبَيْنِ في الزهد (8) .
وقال الحافظ الذهبي – رحمه الله – : إنما وُضعت المناظرة لكشف الحق ، وإفادة العالم الأذكى في العلم لمن دونه ، وتنبيه الأغفل الأضعف (9) .
وقد ورد لفظ الحوار وما في معناه في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع : قال – تعالى – ﴿ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴾ (10) أي : يجادله ويخاصمه ، يفتخر عليه ويترأس (11) .
وقال ﴿ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴾ (12) . يقول – تعالى – مخبرًا عما أجابه صاحبه المؤمن ، واعظًا له وزاجرًا عما هو فيه من الكفر بالله والاغترار (13) .
وقال ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ (14) . وتجادلك : أي تُسائلك (15) .
آداب الحوار:
لما كان الحوار وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله – تعالى – ومن وسائل التواصل بين الناس جميعا في كل أنواع العلوم والمعارف، كان لا بد أن تكون هناك آداب مَرْعِيَّة لهذا الحوار، حتى تتحقق منه الثمرة المرجوَّة.
فمما يؤسف له – أشد الأسف – أننا وجدنا كثيرا من الحوارت التي تكون عبر المنتديات الحوارية – المقروءة منها والمسموعة – غير منضبطة بالضوابط الشرعية ، والآداب العامة التي ينبغي على كل المتحاورين أن يلتزموا بها، حيث وجدنا فيها من السباب،والقذف،والتجهيل،والتفسيق،والتبديع، بل والتكفير، وهذه الأمور كلها من سبل الشياطين ، يُوغِرون بها الصدور، وتوجد بسببها العداوات،وتنقطع معها العلاقات ، فبدلا من أن يتحقق المقصود من الحوار ، وهو الوصول إلى الحق ، صار ذلك الأمر بابا ، ووسيلة من وسائل الفرقة ، والقطيعة بين الناس ، إلا من رحم اللهُ – تبارك وتعالى – .
لذا رأينا أنه من الحاجات الملحَّة التي يحتاجها كل من يشارك في هذه المنتديات أن يتعلم هذه الآداب ، ونحن لا نزعم أننا قد حصرنا كل هذه الآداب ، لكن هذه محاولة لذكر ما يكون فيه غُنْية وكفاية – إن شاء الله – فنقول – وبالله التوفيق – : هذه الآداب هي :
أولا : الإخلاص :
ونعني به طلب رضا الله – تبارك وتعالى – من هذا الحوار ، فليس المقصود من الحوار إظهار العلم ، أو الانتصار للنفس ، بل المقصود هو الوصول إلى الحق ، قال – جل وعلا – ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ (16) ، فمن المعلوم أن أي عمل لا يقبله الله – جل وعلا – إلا إذا كان خالصا لوجهه ، فعليك أن تستحضر هذه النية ، ولتعلم أن الله يعلم ما في نفسك ، فاجعل عملك خالصا لوجهه .
وليكن حاضرا في ذهنك – بشكل دائم – أن الصواب قد يكون عند غيرك (17) ، فعقول الناس متفاوتة ، ومداركهم مختلفة ، وقد تكون قد خفي عليك بعض الأشياء التي لو عرفتها لغَيَّرت رأيك في المسألة ، فهؤلاء هم أئمة الإسلام يؤكدون على هذا المعنى ، يقول الإمام أبو حنيفة – رحمه الله – : حرام على من لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي ، فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غدا .
فإذا كان الإمام أبو حنيفة يقول هذا الكلام ، فما بال هؤلاء الأحداث يظنون أن كلامهم لا مدفع له ، وأنهم دائما على الصواب ، فاللهم غفرا .
وهذا هو الإمام مالك بن أنس – رحمه الله – يقول : إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي ، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.
وقال الإمام الشافعي – رحمه الله – : ما من أحد إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتَعْزُب عنه ، فمهما قلتُ من قول ، أو أصَّلت من أصل فيه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لخلاف ما قلت ، فالقول ما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو قولي.
وقال أحمد بن حنبل: لا تقلدني، ولا تقلد مالكا،ولا الشافعي، ولا الأوزاعي، ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا (18) .
ثانيا : الاحتكام إلى الكتاب والسنة :
من آداب الحوار أن يكون هناك أصل يحتكم إليه المتحاورون ، فلا يحتكمون إلى أهوائهم ، أو آرائهم ، بل لا بد من الاحتكام إلى الكتاب والسنة ، وأقوال أهل العلم الذين شهدت لهم الأمة بالعلم ، والفضل ، قال – تعالى – ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ (19) ، ففي هذه الآية يقسم – تعالى – بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكم الرسول – صلى الله عليه وسلم – في جميع الأمور ، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا (20).
وقال ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ (21) ، أي : مهما اختلفتم فيه من الأمور ، وهذا عام في جميع الأشياء ﴿ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ أي : هو الحاكم فيه بكتابه ، وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – (22) .
وقال ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ (23) ، وهذا أمر من الله – عز وجل – بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة (24) .
فلا بد أن يحدد المتحاورون ابتداء المصدر الذي يُرَد الكلام إليه ، حتى لا تتسع بينهم هوة الخلاف .
ثالثًا:التواضع وعدم الغرور :
من آداب الحوار أن يكون المحاور متواضعا ، متجنبا ما يدل على العجب والغرور ، فبعض الناس إذا حاور شخصًا ، بدا منه علامات الكبر والتعالي ، وهذا مما يصد الطرف الآخر عن قبول الحق الذي قد يكون موجودا مع هذا المتعالي ، ولهذا نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الكبر ، فقال : « لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كبر » . قيل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ، ونَعْلُه حسنة . قال : « إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر (25) الحق ، وغَمْط (26) الناس » (27) .
فمن التواضع قبول الحق ممن جاء به ، حتى ولو كان من أشد المخالفين ، وترك استخدام الألفاظ الدالة على التعالي ، وازدراء ما عند الآخرين .
رابعا:العلم: 
يشترط في المحاور أن يكون على علم بما يتكلم عنه ، فلا يعقل أن يدخل شخص في حوار عن موضوع معين ، أو في علم معين ، وهو لا يعلم شيئا عن هذا العلم ، أو هذا الموضوع ، بل لا بد أن يكون على دراية واسعة بالموضوع الذي يدور الحوار عنه ، ولا بد أن يكون عالما باصطلاحات هذا العلم ، حتى لا يُضيع وقته ، ووقت إخوانه ، قال – تعالى – ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ (28) ، أي ولا تقل ما ليس لك به علم (29) .
فعن جابر – رضي الله عنه – قال : خرجنا في سفر ، فأصاب رجلا منا حَجر فشَجَّه في رأسه ، ثم احتلم ، فسأل أصحابَه فقال : هل تجدون لي رُخصة في التيمم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة ، وأنت تقدر على الماء ، فاغتسل فمات ، فلما قدمنا على النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبر بذلك فقال : « قتلوه قتلهم الله ، ألا سألوا إذ لم يعلموا ، فإنما شفاء العي (30) السؤال » (31).
فالكلام في هذه المنتديات بغير علم له مفاسد كثيرة ، فقد رأينا كثيرا من المحاورين الذين لا علاقة لهم بموضوع الحوار ، وهم مع ذلك يُشَغِّبون على المتحاوين .
ومن العجب العجاب أننا نجد في كثير من الأحيان بعض القضايا الخطيرة التي لو عُرضت على علماء الأمة وجهابذتها لأحجموا عن الخوض فيها ، ومع ذلك نجد بعض الشباب الذين لم يحققوا الحد الأدنى من أدوات طالب العلم ، وهم يخوضون في مثل هذه القضايا ، فيأتون بكلام تضحك له الثكلى ، وتسقط له الحبلى .
خامسا: مراعاة التفاوت بين الناس في العقول والثقافات :
على المحاور أن يعلم أن هناك تفاوتا بين الناس في العقول والثقافات ، فكل شخص له مدخل ، وطريقة للحوار معه ، وإقناعه ، فهناك العالم الذي يتحاور بقصد إقامة الحجة في المسألة ، بغض النظر عن كون الحق معه ، أو مع غيره ، وهناك الجاهل الذي يتقحم على موائد الحوار ، فيتكلم بغير علم ، وهناك أنصاف المتعلمين ، الذين جمعوا كلمة من هنا ، وكلمة من هناك .
فكل نوع من هؤلاء يحتاج إلى أسلوب في الحوار ، وهذا من فطنة المحاور ، أما الذين لا يفرقون بين هذا وذاك ، فإنهم يضرون أكثر مما ينفعون ، فإنزال الناس منازلهم مطلب شرعي ، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : « ليس منا من لم يُجِلَّ كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حَقَّه » (32) .
سادسا:الوقار والحلم : 
على كل محاور أن يكون وقورًا حليمًا ، فلا يقابل السيئة بمثلها ، بل عليه أن يحلُم ويصبر ، ولا يجازي على الإساءة بمثلها ، متمسكا في ذلك بهدي النبي – صلى الله عليه وسلم – ، فما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – فاحشًا ، ولا متفحشًا ولا صخابًا في الأسواق ، ولا يجزي بالسيئة السيئة ، ولكن يعفو ويصفح .
والحلم والأناة من الصفات التي يحبها الله – جل وعلا – فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأشج عبد القيس : « إن فيك خصلتين (33) يحبهما الله الحلم والأناة (34) » (35) . فلا بد للمحاور أن يكون رحيما شفيقا متأنيا ، فلا يعجل ، وقديما قال أحدهم يوصي ولده : يا بني لا تستعمل العجلة ، فإن فعلت ففي دَيْن تخاف دونه الموت ، أو جميل تخشى منه الفوت .
وقال آخر: الأناة حصن السلامة ****والعجلة مفتاح الندامة .
وقال الشاعر:
تأنَّ ولا تعجل بِلَوْمك صاحبا****لعل له عذرا وأنت تَلومُ
سابعا : التفريق بين القطعيات والظنيات :
من الأمور التي يجب التنبه لها أن هناك أمورا قطعية ، كما أن هناك أمورا ظنية ، هناك أمور مجمع عليها ، وأمو مختلف فيها ، وهناك أمور معلومة من الدين بالضرورة ، لا يجوز إنكارها ، فالأمور القطعية مثل وحدانية الله – جل وعلا – ونبوة النبي – صلى الله عليه وسلم – وصدق القرآن الكريم ، ونحو ذلك .
وهناك أمور ظنية ، يتسع فيها الخلاف ، وذلك لعدم ورود نص فيها ، أو تطرق الاحتمال إلى النص الوارد فيها ، أو ما إلى ذلك مما هو معروف من أسباب الخلاف بين الفقهاء .
فعلى المحاور أن يدرك ذلك ، حتى لا يقع في تفسيق الناس ، أو تبديعهم ، أو تكفيرهم ، وهذا لا يتأتى إلا بمعرفة هذه القاعدة .
ثامنًا : الإصغاء وحسن الاستماع :
إن كثيرا ممن يدخلون على المنتديات الحوارية ، يجيدون الكلام ، لكنهم لا يحسنون الإنصات والاستماع إلى غيرهم ، فتراهم يتكلمون ولا يسمعون ، وإذا سمعوا ، ربما لم يتدبروا الكلام لمحاولة فهمه ، فتراهم في وادٍ ، والطرف الآخر في وادٍ آخر ، وما ذلك إلا لأنهم لا يحسنون الاستماع .
فمن حق المحاور عليك أن تسمعه ، كما تحب أن يسمعك ، فقد يكون الحق معه ، وأنت لا تسمعه ، فأعط نفسك الفرصة ، حتى تعلم ما عند غيرك ، وتمثل في هذا دائما بقول النبي – صلى الله عليه وسلم – : « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه » (36) .
تاسعًا : الإنصاف :
وهو أن يكون الهدف من الحوار هو الوصول إلى الحق ، فإذا ما استبان لك الحق اتبعته ، سواء أكان معك ، أو مع غيرك ، وعليك أن تحمد لأخيك أن وفقه الله – جل وعلا – للصواب ، فبيَّنه لك ، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : « لا يشكر الله من لا يشكر الناس » (37) .
إن الاعتراف بالحق لا ينقص من قيمة الإنسان ، وليس عيبا أن تخطئ ، ولكن الخطأ الكبير في المعاندة والمكابرة ، فالاعتراف بالخطإ إذا تبين لك الحق يرفع درجتك عند الناس ، ويدل على شجاعتك وقوتك ، وثقتك بنفسك .
عاشرا : البيان وحسن العرض :
يحتاج كل من يدخل في هذه المنتديات الحوارية أن يكون عنده قوة في التعبير ، وفصاحة في اللسان ، فحسن البيان والعرض من أهم عوامل إيضاح الفكرة ، ومما يكون له أكبر الأثر على قبول الطرف الآخر للفكرة وإقناعه بها ، فعندما جاء رجلان من المشرق فخطبا بين يدي النبي – صلى الله عليه وسلم – فَعَجِبَ الناسُ لبيانِهِما ، عقَّب النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك بقوله : « إن من البيان لسحرا » (38) .
لذا يجب على كل من يرتاد المنتديات الحوارية أن يستعمل العبارات الواضحة ، وأن يتجنب الألفاظ الغريبة ، التي يصعب فهمها ، أو الألفاظ المجملة التي تحتمل عدة مَعانٍ ، من غير توضيح للمعنى المراد منها .
حاديَ عشرَ : إنهاء الحوار بأدب :
إذا وجد المحاور أن الخلاف قد اتسع ، وأنه لا سبيل إلى التوصل إلى نتيجة ، أو ما إلى ذلك ، فهنا يحسن إنهاء النقاش ، وتأجيله – إن أمكن – إلى وقت آخر ليتم التحضير والاستعداد الجيد له ، كما ينبغي إنهاء الحوار إذا بدا أن الطرف الآخر غير جاد ، أو مستهتر ، أو كان دون المستوى المطلوب للخوض في القضايا المعدّة للحوار ، يقول – تعالى – ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ (39) .
وجملة القول في هذا الباب أنه لا بد من مراعاة الآداب العامة ، والقواعد الشرعية في التعامل مع الناس – بشكل عام – ومع المسلمين بشكل خاص ، فكل هذه المعاملات خاضعة لضوابط شرعية ، ثابتة في القرآن والسنة .
ويجب التنبيه إلى أنه لا ينبغي أن تكون مثل هذه الحوارات والمساجلات سببا لتوسيع شقة الخلاف بين المسلمين ، فلا سبيل إلى قوة هذه الأمة إلا باتحادها ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بنبذ كل عوامل الفرقة والاختلاف ، كما قال – تعالى – ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾ (40) ، وكما حذرنا ربنا – تبارك وتعالى – من الفشل بسبب التنازع ، فقال ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (41) .
ولا يفوتنا أيضا أن الحوار قد يكون مع غير المسلمين ، فيجب أيضا مراعاة هذه الآداب والقواعد ، لإتاحة الفرصة لتوسيع دائرة التفاهم ، وإبلاغ رسالة الإسلام إلى العالم ، فما جاءت هذه الرسالة إلا لاستنقاذ هذا العالم ، وإخراج الناس من عبادة الناس والأصنام والأشجار والشهوات ، إلى عبادة رب البريَّات،وحده لا شريك له .
وإبلاغ دين الله إلى الناس جميعا ، وبأفضل الوسائل ،من المجادلة بالحسنى ، ومراعاة أدب الحوار وشرائطه ، من الفروض الشرعية الكفائية ، التي تعتبر من مسئولية الأمة جميعها.
————_________________________________________________——–
المراجع :
1)سورة النمل : الآية 14 .
2)سورة النازعات : الآية 24 .
3)سورة طه : الآية 44 .
4)السَّخْلَةُ : ولد الشاة من المَعَز والضَّأْن ذكرًا أو أُنثى . اللسان : سخل .
5)سورة فصلت : الآية 1-2 .
6)سورة فصلت : الآية 13 .
7)أخرجه عبد بن حميد (1123) . وصححه الألباني في صحيح السيرة صـ 159 .
8)انظر في ذلك كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي صـ 32.
9)شرح المواهب للزرقاني 5 / 390 .
10)سورة الكهف : الآية 34 .
11)تفسير ابن كثير 5/157 .
12)سورة الكهف : الآية 37 .
13)تفسير ابن كثير 5/158 .
14)سورة المجادلة : الآية 1 .
15)تفسير القرطبي 17/272 .
16)سورة الكهف : الآية 110 .
17)وهذا في المسائل الاجتهادية التي تحتمل الاختلاف ، أما في أصول العقائد ، فهذا مما لا مسرح فيه للاجتهاد .
18)راجع في ذلك مقدمة كتاب صفة صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم – للشيخ الألباني – طيب الله ثراه – .
19)سورة النساء : الآية 65 .
20)تفسير ابن كثير 2/249 .
21)سورة الشورى : الآية 10 .
22)تفسير ابن كثير 7/193 .
23)سورة النساء : الآية 59 .
24)تفسير ابن كثير 2/345 .
25)هو أن يتكبَّر عن الحق فلا يقبلُه . النهاية : بطر .
26)الغَمْط : الاسْتِهانة والاسْتحْقار . النهاية : غمط .
27)أخرجه مسلم (1/93 ، رقم 91) .
28)سورة الإسراء : الآية 36 .
29)تفسير الطبري 17/446 .
30)العِيّ : الجَهْل . النهاية : عيا .
31)أخرجه أحمد (1/330 ، رقم 3057) ، وأبو داود (1/93 ، رقم 336) . وحسنه الألباني في صحيح أبي داود 325 .
32)أخرجه أحمد (5/323 ، رقم 22807) ، وقال المنذرى (1/64) : إسناده حسن .
33)الخَصْلة : الفَضِيلة والرَّذيلة تكون في الإنسان ، وقد غلب على الفضيلة . اللسان : خصل .
34)الأناة : التُّؤَدة . اللسان : أني .
35)أخرجه مسلم (1/48 ، رقم 17) .
36)رواه البخاري (1/14 ، رقم 13) ، ومسلم (1/67 ، رقم 45) .
37)أخرجه أحمد (2/295 ، رقم 7926) ، والطيالسي (ص 326 ، رقم 2491) ، وأبو داود (4/255 رقم 4811) . وصححه الألباني في الصحيحة 416 .
38)أخرجه البخاري (7/25 ، رقم 5146) ، ومسلم (2/594 ، رقم 869) .
39)سورة الأعراف : الآية 199 .
40)سورة الروم : الآية 31- 32 .
41)سورة الأنفال : الآية 46 .
————————–

خاص بالسكينة:الشيخ محمد الطايع


URL
HTML
BBCode
______________________________________
تقيم الموضوع:
بمشاركة الموضوع تعم الفائدة ونشرا للعلم:

0 التعليقات :

إرسال تعليق

الرجاء ملاحظة أنك بحاجة إلى هذه البرامج